لا شك أن التصدق أو إخراج صدقة يعتبر من أجمل الأشياء التي يمكن للمرء المسلم فعلها، فهي تساعد على تطهير القلب وكسب الحب والرضا من الله قبل الناس. ولكن هل كنت تعلم أن للصدقات أنواع غير إخراج المال ؟ نقدم اليوم انواع الصدقات المختلفة بالإضافة لتأثيرها على النفس والمجتمع.
محتويات
الصدقات
نريد فقط التنويه في البداية أن الصدقة بشكل عام ومجمل تنقسم لنوعان:
- الفريضة: وهي التي فرضها الله على كل مسلم قادر بشروط معينة ونسبة معينة من المال، وهي تدعى “زكاة المال”
- السنة أو النافلة: وهي التي سنركز عليها اليوم
الصدقة النافلة
تشمل الصدقة النافلة المساهمة بالعمل التطوعي والمبادرة في مساعدة الآخرين بدون انتظار للمقابل.
يمكن أن تكون على شكل خدمة للمجتمع، مثل توزيع الطعام على الفقراء، أو تقديم الخدمات الطبية للمحتاجين، أو المشاركة في حملات التنظيف، وغيرها.
انواع الصدقات
تنقسم أنواع الصدقات بشكل رئيسي إلى صدقة جارية وغير جارية:
- الصدقة غير الجارية: هي المال الذي يتم توزيعه على الفقراء والمحتاجين. يتصدق الشخص لتلبية احتياجات الفرد الآخر مثل توفير الطعام والملابس والمأوى والدعم المالي.
- الصدقة الجارية: هذا النوع يعتمد على المال الذي يتم استثماره في مشاريع تستفيد منها المجتمعات بشكل مستمر ومستدام. قد تشمل بناء المساجد والمدارس والمستشفيات والمشاريع الخيرية الأخرى التي تستفيد منها الجماعة وتوفر فوائد لفترة طويلة.
أما أنواع الصدقات بشكل عام والتي تندرج تحت أنواع الصدقات الجارية وغير الجارية فهي كما يلي:
- بناء المساجد والمدارس: يشمل المساهمة في بناء وصيانة المساجد أو المدارس، وهي صدقة جارية ينتفع بها الأفراد والمجتمع. يعتبر بناء المساجد والمدارس من أعمال الخير العظيمة التي لها ثواب كبير وتسهم في تطوير التعليم والتشجيع على الصلاة.
- إطعام الطعام: تعتبر من أفضل أنواع الصدقات، وتشمل توفير الطعام للفقراء والمحتاجين. ومن أفضل الأوقات التي يمكنك إطعام الطعام فيها، هي أوقات الصيام. قد يشمل هذا النوع أيضًا تقديم الوجبات للمحتاجين في الأعياد وفي حالات الكوارث والطوارئ.
- كفالة يتيم: يُعد رعاية الأيتام وكفالتهم من أفضل أنواع الصدقات. يمكنك تقديم الدعم المادي والمعنوي للأيتام الذين فقدوا والديهم. يُشجع الإسلام على رعاية الأيتام وتقديم المساعدة لهم، وذلك بناءً على الأمثلة الواردة في القرآن الكريم وسنة النبي محمد ﷺ كقوله سبحانه: “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ”. كما أنه قد روي عن النبي ﷺ قوله: “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى”
- مساعدة طلاب العلم: يشمل دعم طلاب العلم والمساهمة في تعليمهم وتمويل دراستهم. طلاب العلم هم أصحاب الجهود العلمية المستمرة، وبالتالي فإن دعمهم يعتبر صدقة جارية تستمر في النفع وجلب الحسنات لك حتى بعد وفاتك.
- سقيا الماء: تعتبر من أفضل أنواع الصدقات على الإطلاق، حيث أنك توفر الماء للمحتاجين والعطشى والذي يعد أمرًا حث عليه الرسول ﷺ حين روي عن الصحابي الجليل سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: ( قلت: يا رسول الله إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء) – رواه البخاري. بناء بئر مياه أيضًا أو تمويل مشروع لسقيا الماء يعتبر صدقة جارية، حيث تستمر فوائدها وتروي عطش الناس في الأماكن النائية لأمد بعيد.
انواع الصدقات التي لا تحتاج إلى المال
الإسلام دين يسر، ولهذا فقد سهل الله الصدقة على عباده الذين لا يملكون المال الكافي للتصدق.
بين لنا الرسول ﷺ العديد من الأنواع المختلفة للصدقات التي لا تحتاج منا إلى إنفاق أية أموال، وإليكم بعضًا منها:
- تبسمك في وجه أخيك: التبسم هي صفة من صفات النبي ﷺ، حيث كان ﷺ على لسان صحابته دائم التبسم. وقد قال الله في رسوله ﷺ: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ”. وقد قال عبد الله بن الحارث ـ رضي الله عنه ـ أيضًا: ( ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله – صلى الله عليه وسلم. هذا غير حديث الرسول ﷺ نفسه الغني عن الشرح: “تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة” رواه الترمذي.
- إماطة الأذى: ينسى أو يتناسى الكثير هذا الأمر، ولكن إماطة الأذى عن الطريق من الإيمان، حيث قال الرسول ﷺ: “الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق”. وقد روي الترمذي عن النبي ﷺ أيضًا قوله: “تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة” – صححه الألباني.
- الكلمة الطيبة: الكلام الطيب من أهم الأشياء التي تساعدنا على التقرب من بعضنا البعض وبناء صداقات قوية وعلاقات. حث النبي ﷺ على الكلم الطيب بين المسلمين ووضح أنها تكون سببًا للمرء في دخوله الجنة، حين قال: “اتّقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة“
- عمل المعروف: بشكل عام ومجمل، كل عمل صالح يعمله الإنسان للتقرب إلى الله سبحانه وبنية صادقة خالصة لوجه الله يعتبر صدقة. قال ﷺ في هذا الأمر: “كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ” – رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد.
فضل الصدقة
حث الإسلام بشكل كبير على الصدقة وإخراجها بشكل مستمر، وهي تدل على صدق إيمان العبد وقوة علاقته بربه.
فالنفس البشرية فطرت على حب المال والتمسك به، ولهذا فإن إخراجه دليل على قوة الإيمان والإرادة أيضًا.
وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كرباً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً”، رواه البيهقي.
كما أن الصدقة ترفع عن صاحبها المصائب والهم والكرب، فقد قال الرسول ﷺ “صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة” رواه الحاكم.
اقرأ أيضًا:
هل الصدقة تنقص من المال ؟
جاءت الآية واضحة في القرآن الكريم حين قال تعالى: “وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين”. ولهذا، فالله يبين لنا صراحة أنه يعوض من يتصدق على العباد بما هو خير من الصدقة التي أخرجها.
كما أن الرسول ﷺ أكد على هذا الأمر بما لا يدع مجالًا للشك. فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما نقصتْ صدقةٌ من مال، وما زادَ الله عبدا بعفو إلا عِزّا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله”
وفي النهاية، قدمنا اليوم كل ما يخص انواع الصدقات وفضلها في القرآن والسنة. أضف أننا أجبنا على سؤال (هل الصدقة تنقص المال؟”.
نتمنى أن تكونوا قد استفدتم من الموضوع ووجدتم إجابة لما كنتم تبحثون عنه. لا تنسوا أن تشاركوا الموضوع مع العائلة والأصحاب لتشاركوا الثواب وتعم الفائدة على الجميع
